يحلو للبعض أن يسميه بالمشاغب، ويعتبره البعض الآخر بالجريء، بينما هو عنيد كالصخر في مواقفه ومعتقداته، دائم الحركة، يكاد لا يهدأ أبداً، يزدهر في الأزمات، لا يتعب من العمل، يواصل الليل بالنهار، يحترم المواعيد، إنه حسام خضر إبن مخيم بلاطة الذي نشأ في أزقته طفلاً وترعرع فيه، فاكتسب منه صفات الرجولة والخشونة والصلابة، وعشقه حتى الثمالة، لدرجة أنه كان معه دائماً في حلّه وترحاله.
[line]
أكمل تحصيله العلمي في المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس مخيم بلاطة، وتتلمذ على يد نخبة من التربويين الذين تركوا بصماتهم على سلوكه وتصرفاته المستقبلية، أما المرحلة الثانويةوالتي إتسمت بانخراطه بالنشاط السياسي فلقد كانت محطة هامة في حياته، حيث أن سلطات الاحتلال في تلك الفترة قامت بإجراءات تأديبية لطلاب مخيم بلاطة الذين يدرسون في مدارس نابلس ونقلتهم في خطوة غير مسبوقة آنذاك إلى مدارس سالم/ دير الحطب ولقد شكلت تلك الفترة من حياته قدرة فائقة على التحمل.
[line]
وما أن أنهى المرحلة الثانوية حتى التحق بجامعة النجاح الوطنية ليدرس فيها في كلية الاقتصاد، وهنا كان نضوجه السياسي وتميزه في قيادة الحركة الطلابية، التي طالما آمن بدورها بأنها الفئة الأكثر قدرة على التغيير والثورة خلال هذه الفترة اعتاد حسام خضر على إقامة أوسع علاقات اجتماعية مع كافة الطلبة، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، كان اجتماعياً بالفطرة.. ولعل لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي التي انتمى إليها قد أثرت في تكونيه الاجتماعي وحبه اللامحدود للعطاء.
[line]
[line]
لم يسلم حسام أثناء دراسته الجامعية من الاعتقال، فأصبح زائراً دائماً لزنازين تحقيق الاحتلال الإسرائيلي، حتى أن عدد مرات اعتقاله قد فاقت العشرين مرة، ولقد حاولت سلطات الاحتلال أكثر من مرة الحّد من نشاطه، ولم تنجح، ففرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة عام.. وأصابته مرتين برصاص جنودها، ولكن الله كان يكتب له عمراً جديداً في كل مرة.
[line]
وما أن انطلقت الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 حتى كان حسام خضر على موعد مع الإبعاد.. كان اسحق رابين آنذاك وزير الحرب الصهيوني، وكانت سياسة القبضة الحديدية على أشدها، فصدرت قرارات الإبعاد عن الوطن لمجموعة من الفلسطينيين، وكان أولهم حسام، لم يكن قرار الإبعاد سهلاً على مناضل لم يخطر في باله أبداً أن يغادر وطنه، عاش حسام خضر رحلة الإبعاد بكل مرارتها وقسوتها بعيداً عن الوطن والأحبة، وكان رسولاً أميناً للانتفاضة وهو يجوب دول العالم ناطقاً رسمياً باسمها، متحدثاً لبقاً، يدخل قلوب مستمعيه بسرعة البرق.. يراكم بعلاقاته أصدقاء جدد لفلسطين الرازحة تحت سياط الجلادين الصهاينة... وكان دائماً على موعد مع العودة إلى أرض الوطن .. هذا الحلم الذي راوده طيلة سنوات الإبعاد، فعاد إلى مسقط رأسه عندما بدأت قوافل العائدين بالعودة..
[line]
من منا لم يعرف حسام خضر بجرأته النادرة وهو يوجه نقده اللاذع لكل من يخطئ، كان صوته مدوياً في بناء المؤسسات التي تحفظ كرامة المواطن وتؤّمن له حريته وحقوقه، دولة القانون الذي يسري على الجميع.. فانتخبه الناس ممثلاً لهم في المجلس التشريعي الفلسطيني الأول.. وكان عند حسن ظنهم دائماً.. صوتاً للحق والحقيقة، صوتاً مدافعاً عن حرية الشعب.. دائماً مع المظلومين والبسطاء من هذا الشعب.. من أجل ذلك أحبه الجميع من هؤلاء الفقراء.
[line]
[line]
ولأنه لاجئ فلقد احتلت قضية اللاجئين الفلسطينيين بفصولها الصعبة تكوينه النفسي.. فعمل مع مجموعة من نشطاء اللاجئين على تشكيل لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين لتكون صوتاً حراً للاجئين، وسيفاً مسلطاً على رقاب كل من يحاول التطاول على قضيتهم وحقهم في العودة إلى ديارهم وبياراتهم..ولأنه حسام خضر كذلك وطني بالفطرة أحبه الكثيرون، وبغضه المنتفعون المستفيدون من غياب المؤسسة والقانون.. وها هو الآن يقبع من جديد في سجون الاحتلال ليكون ثاني عضو مجلس تشريعي يتم انتهاك حصانته البرلمانية.. لقد حدث ذلك بتاريخ 17/03/2003 يوم الاثنين الساعة الرابعة صباحاً.